ليو تشونغ مين: معضلة السعودية في اليمن
مرة: 2015-04-09 وجهات النظر: 80

نشر موقع صحيفة الشعب اليومية أونلان تعليق الأستاذ ليو تشونغ مين بمعهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية تحت عنوان: ((معضلة السعودية في اليمن)) يوم الخميس الموافق 9إبريل عام 2015. فيما يلي النص الكامل للتعليق:

معضلة السعودية في اليمن

يعتقد الرأي العام العالمي أن دعم ايران لجماعة الحوثيين الشيعة المسلحة احد الاسباب المهمة لشن قوات التحالف العربي بقيادة السعودية عملية عسكرية باليمن حاليا، وأن المواجهة بين ايران الشيعية والسعودية السنية وراء التدهور الخطير في الوضع الأمني باليمن. ومع ذلك، قد يكون في الواقع مجرد جزء من الوضع في اليمن. وقد لا يجلب التحرك العسكري السعودي هذه المرة تفاؤلا لسياستها في اليمن مستقبلا. كما أن القاء السعودية بنفسها في الوحل باليمن سوف يجعلها تواجه معضلة محرجة.

من المنظور التاريخي، تربط السعودية منذ استقلالها رباط وثيق باليمن، وتعتبر أحد المتدخلين في الشؤون اليمنية على المدى الطويل. ومنذ اندلاع الاضطرابات في اليمن عام 2011، شهدت جماعة الحوثيين المسلحة نموا واسعا في شمالى اليمن، وظهرت حركة استقلال اليمن وفرع تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، كما أن المشاكل التي تعاني منها البحرين والظروف الصعبة في سوريا زاد من تعقيد الوضع في اليمن ولم يبقى امام السياسة السعودية أي خيار جيد سوى الوقوف خلف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والدفع بالحوار الوطني لتحقيق المصالحة الوطنية. لكن التناقضات في اليمن كانت ثقيلة وصعبة ادت الى نشوب ازمة سياسية خطيرة مرة اخرى في عام 2014،مما اجبر الدول العربية السنية بقيادة السعودية على شن ضربات عسكرية ضد جماعة الحوثيين المسلحة باليمن. بالطبع، يمكن للسعودية القضاء على جماعة الحوثيين المسلحة، لكن الاختبار الحقيقي يكمن في كيفية التعامل مع التحديات الدبلوماسية المرتبطة باليمن مستقبلا.

أولا، احتمالات تعزيز نظام سني موالي للسعودية في اليمن يكاد يكون غير موجودة. فبالرغم من أن اخماد الصراع السياسي الداخلي في اليمن وإنشاء نظام سني موالي للسعودية يناسب المصالح السعودية، إلا ان اليمن تشهد تطورا كبيرا لجماعة الحوثيين المسلحة، والخلافات الداخلية الخطيرة ادت الى عدم تشكيل قوة سياسية سنية موحدة في اليمن.كما يسكن اليمن عددا متساويا تقريبا من الشيعة والسنة، ولكن إذاما اخذنا بعين الاعتبار الحشد السني الداخلي والخلافات العائلية في اليمن،يمكن ان نتأكد من ان التمسك السني اقل بكثير من التمسك الشيعي في اليمن.

يمكن ان نرى من تاريخ العلاقات بين السعودية واليمن، ان السنة في اليمن ليس لديهم الكثير من الانطباعات الجيدة عن التدخل العسكري السعودي نظرا للتدخل الاخيرة المتكرر في الشؤون الداخلية لليمن، ووجود النزاعات الاقليمية بين الجانبين. والاهم من ذلك، فإن شن السعودية عملية عسكرية على جماعة الحوثيين المسلحة سوف يساهم على توسع فرع تنظيم  القاعدة في شبه جزيرة العرب المدعوم من قبل السنة في جنوب شرق اليمن والذي يسعى الى اسقاط النظام السعودي. لذلك، احتمال انشاء السعودية نظام سني موالي لها في اليمن هو قريب من الصفر.

ثانيا، الاستجابة للتحديات الدبلوماسية ذات الصلة لن تكون سهلة. انشأت السعودية تحالفا دوليا يشمل دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر والاردن والمغرب والسودان وباكستان لمحاربة جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن،مما يدل على أن الدبلوماسية السعودية اعدت ما يكفي لتحقيق ذلك ، كما أن اعتراف امريكا بهذا التحالف وأهدافه يعكس تزايد تأثير السعودية في المنطقة منذ تغيير الوضع في الشرق الاوسط.ولكن هذا التحالف قد يكون غير متجانس.على سبيل المثال، عدم انضمام سلطنة عمان الى التحالف العسكري بقيادة السعودية لشن عمليات عسكرية ضد جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن يبين وجود قصور واضح بالنسبة للسعودية. ومثال آخر، السعودية ومصر لديهما تاريخ طويل من الصراع في اليمن،وهذا بالتأكيد سوف يخلق هواجس وقلق لدى السعودية من ارسال نظام السيسي قوات برية لليمن.

من منظور الهيكل الاقليمي، تزامن تشكيل السعودية تحالف دولي لمحاربة الشيعة في اليمن مع التوافق في المفاوضات النووية الايرانية يسلط الضوء على نمو قوتين إقليميتين كبيرتين السعودية وإيران. كما ان ايران قد لا تدخل في حرب مباشرة مع السعودية بسبب الازمة اليمنية حفاظا على نتائج المفاوضات النووية التي تحققت بشق الانفس، لكن سوف تستمر بلا شك الصراعات بين الجانبين علنا او سرا في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن وغيرها من الدول التي تشهد صراعات طائفية، مما سوف يخلق تحديات امنية طويلة للسعودية.بالاضافة الى ذلك، فإن نشر بعض وسائل الاعلام خبر التعاون بين السعودية وإسرائيل في الحرب ضد جماعة الحوثيين المسلحة قد يضر بلا شك بصورة السعودية في العالم العربي. وبالرغم من اعتراف امريكا بالسياسة السعودية في اليمن، إلا أن تحسين العلاقات بين امريكا وايران وانسحاب قوات مكافحة الارهاب الامريكية من اليمن سوف يعزز من الضغوطات الامنية التي تواجهها السعودية.

المصدر: موقع صحيفة الشعب اليومية أونلان