نشر موقع صحيفة الشعب اليومية أونلان تعليق مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية الأستاذ ليو تشونغ مين تحت عنوان: ((كيفية محاربة تنظيم الدولة الاسلامية.. التحدي الأكبر الذي يواجهه العالم)) يوم الجمعة الموافق 6 فبراير عام 2015. فيما يلي النص الكامل للتعليق:
كيفية محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.. التحدي الأكبر الذي يواجهه العالم
العالم لم يستيقظ بعد من صدمة شريط فيديو نشره تنظيم الدولة الاسلامية يظهر فيه الرهينة الياباني كينجي جوتو وقد قطع رأسه، ليفاجئ بصدمة أخرى من المشاهد المروعة التي بثها التنظيم لعملية حرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة بطريقة غير انسانية. و بالرغم من اهتمام وقلق العالم بالطريقة المأساوية التي انتهت بها ازمة الرهائن، إلا أن الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية باتت اكثر تعقيدا، وتستغرق وقتا اطول من ما استغرقته الحرب على تنظيم القاعدة.
تعتبر اليابان حليف امريكا في الغرب، والأردن حليف امريكا لمكافحة الارهاب في الشرق الاوسط، ويمكننا ان نرى من قتل تنظيم الدولة الاسلامية لرهينة اليابانية والأردنية بالطريقة الوحشية وواحدا تلوى الاخر، بأن التنظيم يتطلع الى ردع الحليف الدولي بقيادة امريكا لمكافحة الارهاب. وعلى الرغم من مزاعم الحكومة اليابانية والأردنية بأنهما لن يخضعا مطلقا للإرهاب ، واتخاذ اليابان اجراءات تسريع وتيرة الدفاع الذاتي في الخارج، إلا أن إثارة حالة من الجدل لدى الرأي العام الياباني بشأن سياسة آبي في الشرق الاوسط في الآونة الاخيرة ، يظهر تحقيق تنظيم الدولة الاسلامية جزءا من اهدافه في ترهيب وتخويف العالم الخارجي بإظهاره مشاهد قطع الراس ، وإخفاء هزيمته الاخيرة في مدينة كوباني الواقعة في شمال سوريا. بطبيعة الحال، اكدت الاعمال المتطرفة التي يقوم بها تنظيم الدولة الاسلامية بأنه ضد الانسانية، ويتعين أن تكون ادانة المجتمع الدولي اكثر كثافة والعقوبات اكثر شدة.
وبالنظر الى طريقة تعامل اليابان والأردن مع ازمة الرهائن، يمكن القول أن ادارة الازمات فشلت في انقاذ الرهائن. كما أن استجابة اليابان والأردن لمطالب تنظيم الدولة الاسلامية ومحاولة تبادل الرهائن كطريقة للتعامل مع الأزمة يتعارض مع ما يتزعمانه سياسيا بأنهما لن يستسلما للإرهاب. وإن الفشل في انقاذ الرهائن في نهاية المطاف سيضع البلدان الاخرى التي تواجه ازمة الرهائن ايضا في خيار اكثر صعوبة، ولعل هذا ما كان تنظيم الدولة الاسلامية يريد تحقيقه.
كما يمكننا أن نرى من خلال استراتيجية الحرب ضد الارهاب والمعركة الحالية ضد تنظيم الدولة الاسلامية ، أن المجتمع الدولي وخاصة امريكا لن ترسل قوات برية للعراق، وسوف يكون وضع تنظيم الدولة الاسلامية في المستقبل القريب جامدا، أي أن الاحتواء سوف يكون على درجة ما ولا يمكن القضاء عليه تماما.ومع ذلك،فإن ارسال القوات البرية الى العراق وتدمير تنظيم الدولة الاسلامية سوف يقطع أوصاله وظهور فروع اخرى كثيرة مثلما حدث لتنظيم القاعدة في ذلك العام. وفي الفترة الاخيرة، تفشت نشاطات تنظيم بوكو حرام النيجيري المتطرف، والاقتداء بتنظيم الدولة الاسلامية ومؤامرة تاسيس دولة مستقلة، الصراع بين القبائل الليبية، وإعلان جماعة أنصار الشريعة الليبية الولاء لتنظيم الدولة الاسلامية، وزيادة نشاطات فرع للتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية وقوات الحوثيين فى اليمن، وحادثة صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة وزيادة شدة العمليات الارهابية في اوروبا، كل هذا مرتبط الى حد ما مع انتشار الفكر المتطرف لتنظيم الدولة الاسلامية. بالإضافة الى ذلك، تمر الدول العربية في منطقة شمال افريقيا وغرب آسيا بمرحلة انتقالية صعبة للغاية، وتعاني من الكساد الاقتصادي والبيئة معيشية صعبة للغاية، توفر ارضية خصبة لمزيد من التطرف وانتشار الارهاب.
علاوة على ذلك، فإن كل من التحالف الدولي بقيادة امريكا والدول المجاورة للعراق وسوريا لديهم افكار خاصة بشأن محاربة تنظيم الدولة الاسلامية، حيث أن أمريكا تريد ان تكون قائدا دون أن تتحرك بجد و دول الجوار تتجه الى حماية انفسها. على سبيل المثال، تقوم السعودية ببناء سور عظيم على طول الخط الحدودي بينها وبين العراق واليمن من اجل حماية أمنها، لكن لا يمكن للسور أن يقاوم بما فيه الكفاية نشاطات المتطرفين عبر الحدود، لأنه في عصر الانترنت لا يمكن وقف اختراق الفكر المتطرف. وعليه، فإن محاربة تنظيم الدولة الاسلامية اصبح اكبر تحدي يواجهه الامم المتحدة التي تمثل الشرعية الدولية.
المصدر: موقع صحيفة الشعب اليومية أونلان