ليو تشونغ مين: فرصة تنظيم " القاعدة" في الأزمة السورية
مرة: 2012-08-03 وجهات النظر: 65
 

نشر موقع صحيفة الشعب اليومية أونلان تعليق مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية الأستاذ ليو تشونغ مين تحت عنوان: ((فرصة تنظيم " القاعدة" في الأزمة السورية)) يوم الجمعة الموافق 3 أغسطس عام 2012. فيما يلي النص الكامل للتعليق:

فرصة تنظيم " القاعدة" في الأزمة السورية

إن تشتد الحرب الأهلية في سوريا وتنامي القوى المعارضة وشد وجذب مع نظام بشار الأسد، والظهور المستمر لنقاط الضعف عند النظام السوري، ساعد على تنمية تنظيم "القاعدة" ودخولها على خط المواجهات.ووفقا لما ذكرته نيويورك تايمز يوم 26 يوليو الماضي، فقد ظهر مقاتلين من تنظيم "القاعدة" في صفوف المعارضة السورية علنا. وما يحرج الغرب أكثر هو و وقوف تنظيم " القاعدة" مع الغرب في معسكر واحد لتحقيق هدف الإطاحة بنظام بشار الأسد.

لكن الذي أصبح واضحا جدا عند الغرب هو أن تنظيم " القاعدة" سوف يعيق عملية الاعمار ويشكل تهديدا خطيرا على أمن منطقة الشرق الأوسط و المصالح الغربية في المنطقة عند انهيار نظام بشار الأسد. وبطبيعة الحالي، يمكننا اخذ بعين الاعتبار فقط افتتاح " دورة الألعاب الاولمبية لندن" حيث كان الأمن الاولمبي أكثر مخاوف المملكة المتحدة.

يعتقد الغرب والمجتمع الدولي أن خطر إيديولوجية تنظيم " القاعدة" ونقاط قوتها وقدرتها على شن الهجمات الإرهابية جميعها قد ضعفت بعد مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" والتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية. وإذا تحدثنا بموضوعية ، فإن الأحكام المذكورة أعلاه لا تخلو من المنطق ، لكن تنظيم " القاعدة" لم يتوقف عن نشاطه في ظل التغيرات التي تحدث في المنطقة العربية،لا سيما الوضع الخطير الذي تمر به سوريا حاليا، حيث لا تزال أنشطة تنظيم " القاعدة" قوية وأظهرت ميزات جديدة أيضاً .

لقد كان مقتل بن لادن كان له تأثير معين على تنظيم " القاعدة"، لكن المؤيدين لتنظيم " القاعدة"وفروا أرضية خصبة للإرهاب في تخمر أيضا. أولا، إن الوضع الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط وزيادة الصعوبات الاقتصادية وعدم التمكن من توفير العيش الكريم للناس في الدول العربية خلق تربة خصبة للإرهاب في المجتمع وتطور جديد للمؤيدين له. ثانيا، الاتجاه التصاعدي القوى الإسلامية بشكل عام يفضي إلى تنمية الإسلاميين المتطرفين والمنظمات الإرهابية، وتزايد أنشطة تنظيم " القاعدة" في شبه الجزيرة العربية و المغرب العربي والسلفيين وغيرهم. ثالثا، ضعف الضغوطات التي تواجهها القوى الإرهابية من مكافحة الإرهاب الدولي بعد تدني إستراتيجية مكافحة الإرهاب الأمريكية في الشرق الأوسط وسقوط بعض الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وضعف التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب. أخيرا،انتشار الأسلحة غير المشروعة نتيجة الاضطرابات في البلدان العربية وخاصة الحرب في لليبيا ،ساعد على حصول المنظمات الإرهابية على الأسلحة والمعدات المتقدمة، وشن هجمات إرهابية واسعة النطاق.

وبصفة عامة، منذ بداية التغيرات التي شهدها الشرق الأوسط، أصبح التطوير التنظيمي لـ " القاعدة" بالخصائص الثلاث التالية:ـ

أولا: التغيرات في الشرق الأوسط عززت تنظيم القاعدة للقيام بالتعديلات السياسية والإيديولوجية.

يعتقد الرأي العام الدولي ولاسيما البنك الفكري الغربي المتعدد أن"الربيع العربي" الذي يتخذ الاحتجاج السلمي وإنشاء نظام ديمقراطي علماني كطريقته الرئيسي وهدفه الرئيسي، يخفف جاذبية إقامة دولة إسلامية من خلال شكل الحرب المقدسة الذي كانت بزعامة تنظيم " القاعدة". ويعتمد تنظيم " القاعدة" في سياسته الرئيسية الإستراتيجية السلبية، والبيان الرئيسي لدعم الجماهير العربية في موجة من الاحتجاجات من أجل الإطاحة بـ " الديكتاتور". ولكن في ظل مرور البلدان العربية بمرحلة انتقالية خطرة فضلا عن الوضع في ليبيا واليمن وسوريا، حدث تغير في الوعي لدى المجتمع الدولي، حيث أن هناك من يرى أن الصعوبات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية في الدول العربية قد تفشل حتى "الربيع العربي"، وسوف تكون إيديولوجية تنظيم " القاعدة" جذابة وتؤدي إلى انتعاش الإرهاب الدولي.

في الحقيقة، إن الخبرات السلبية المكتسبة عند تنظيم " القاعدة" صبت على عمليات نشطة في " الربيع العربي". ويعتقد تنظيم " القاعدة" أن " الربيع العربي" يهدف إلى الإطاحة بالديكتاتوريات العربية، في حين أن الديكتاتوريات العربية العدو القريب لتنظيم " القاعدة" والغرب المتمثل في الولايات المتحدة هو العدو البعيد، وأن محاربة العدو القريب والعدو البعيد مسؤولية إسلامية مقدسة، وذلك في محاولة رامية إلى تغيير مسار " الربيع العربي" إلى اتجاه إيديولوجية تنظيم " القاعدة". يعني، موقف تنظيم "القاعدة" من " الربيع العربي" يمر من مرحلة المواجهة السلبية إلى المشاركة الايجابية فيه.

ثانيا: التطور السريع لتنظيم " القاعدة" في بلاد المغرب العربي

يعتبر المغرب العربي في شمال أفريقيا أكثر مناطق الشرق الأوسط تضررا، وحدوث تغيير النظام واحد تلوى الآخر في تونس، مصر وليبيا لا سيما الأسلحة التي قد تؤدي إلى الفوضى والتشريد في ليبيا، هو لصالح نمو وتطور تنظيم " القاعدة" في بلاد المغرب العربي. وإن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائري هي قوات تقليدية لتنظيم " القاعدة" في أفريقيا، في حين أن تطورات "حركة الشبيبة الإسلامية" في الصومال، الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في ليبيا، منظمة "بوكو حرام" النيجيرية سريعة للغاية في ظل التغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط ، وأصبحت اتصالاتهم وثيقة مع تنظيم " القاعدة" في المغرب الإسلامي في تزايد مستمر، وانتقل الاتجاه إلى الصحراء الكبرى جنوب أفريقيا.

ثالثا: تفشي تنظيم " القاعدة" في شبه الجزيرة العربية

تشكل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في عام 2009 باندماج فرعين من التنظيم في كل من المملكة العربية السعودية واليمن، وينشط أساسا في جنوب اليمن. ومنذ بداية حالة الفوضى والاضطرابات في اليمن عام 2011، اغتنم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الفرصة وتوغل في مدن جنوب اليمن، ووسع مجال نفوذه تدريجيا. وفي 28 مايو عام 2011، احتل فرع شبه الجزيرة العربية التابع لتنظيم القاعدة مدينة زنجبار حاضرة محافظة جنوبي اليمن وأعلن أنها عاصمة إمارة زنجبار الإسلامية. وقال المسؤولون في اليمن حاليا أن هناك مئات من عناصر القاعدة في كل من محافظة أبين الجنوبية ،محافظة البيضا، وشبوة، وغيرها من المحافظات الأخرى، ولكن هناك بيانات تزعم أن هناك 3000 إلى 5000 عضو مسلح لتنظيم القاعدة على الأقل في اليمن. وإن هناك ارتباط وثيق بين تنظيم " القاعدة" في شبه الجزيرة العربية و" حركة الشبيبة الإسلامية" في الصومال.

وفي ظل التدهور الدراماتيكي للوضع في سوريا، يقوم تنظيم " القاعدة" وخاصة فرع تنظيم " القاعدة" في العراق من اغتنام فرصة الاضطرابات في سوريا للبحث في نقاط نمو جديدة. و سوف يؤدي انهيار نظام بشار الأسد إلى فقدان السيطرة على سوريا وعدم الاستقرار، مما يؤدي بلا شك إلى زيادة موجات العنف المرتبطة بتنظيم " القاعدة". وإن وقوع تنظيم " القاعدة" في الصدفة وتصبح مساعدة الغرب في الإطاحة بنظام بشار الأسد، لكن نمو تنظيم" القاعدة" ليس نبأ طيبا بالنسبة للغرب.

المصدر: موقع صحيفة الشعب اليومية أونلان